بصراحة: قبل فترة قصيرة تفجّرت فضيحة بسبب اكتشاف خطأ فيبرنامج تصفح ميكروسوفت إنترنت اكسبلورير، تمت من خلاله مهاجمة مواقع للمعارضين الاساسيين الصينيين، الامر الذي جعل بعض الدول تحذر مواطنيها من مايكروسوفت، فهل هذا البرنامج ليس آمنا بالفعل؟
لقد مر استخدام الكمبيوتر وبرامجه حتى الآن بمرحلتين، الاولى كانت عاصفة من ناحية التطور التقني وارتبط استخدام تكنولوجيا المعلومات بالمختصين والخبراء في هذا المجال، اما في المرحلة الثانية فقد اصبح الكمبيوتر جزءا من حياتنا المعاصرة وتستخدمه مختلف الشرائح بغض النصر عن مستويات تعليمها.
وقد ارتبط تطور البرامج ايضا بشكل وثيق بتطور الكمبيوترات، ولذلك توجد في تاريخ «السوفت فير» عمليتان جوهريتان، الاولى تعني عمليا الاستخدام السهل والارتياحي للبرامج، والثانية تتصف بزيادة عملية تعقيد البرامج وتقسيمها الى اعداد لا تحصى من المكونات وبشكل خاص تقسيمها الى طبقات تتبادل التواصل والعمل في ما بينها، رغم ان المستخدم يستوعب هذه العملية الشاملة على انها برنامج سهل ومفهوم يفتح له الطريق نحو الانترنت، اي الى الشبكة المؤلفة من ملايين وحدة معقدة متشابهة يرتبط بها بشكل غير مباشر، وباختصار ووضوح فان برامج الكمبيوتر تزداد تعقيدا مع الوقت في الداخل وتزداد سهولة في الخارج مع ان اغلبنا يستخدم البرامج نفسها تقريبا.
ان الكثير من الناس ينقلون الحجم الاكبر من اعمالهم وتواصلهم مع الآخرين الى الفضاء او المجال الافتراضي، فالكمبيوترات تضم الآن مراسلاتنا وارقام حساباتنا في المصارف وارقام بطاقة الدفع المسبق ووثائقنا وحساباتنا وحتى رسائلنا الغرامية، اما الجوهر التقني المعقد للبرامج فلا يهمنا كثيرا كمستخدمين لها، الامر الذي يقض مضاجع خبراء الكمبيوتر.. لماذا؟!
ان التعقيد التدريجي الجاري لبرامج الكمبيوتر ادي الى جعل اصحاب هذه البرامج انفسهم لا يمتلكون المقدرة على التفكير بمختلف نتائج عملية التجميع والتواصل التي تجري بين مختلف البرامج، ولذلك لا يستطيع اي برنامج مهما كان متقدما في مستواه ان يضمن بان نتيجة استخدامه قد لا تكون لها تداعيات سلبية على مستخدمه، ان هذا الامر يسمى في علم الكمبيوتر ثغرة او نقاط ضعف تجعل برنامج التصفح اكسبلورر إنترنت قابلا للطعن، لانه لا احد يعرف تماما الى الآن كم هي نقاط الضعف فيه وفي كل برنامج ايضا، ولذلك يوجد اناس اما يبحثون عن نقاط الضعف هذه كي يقدموها للمنتخبين لتحسين برامجهم، او اناس يبحثون في هذه البرامج عن نقاط الضعف فيها لأسباب أخرى ليس لها علاقة بالتأكيد الحرص على سلامة برامج مستخدمي الكمبيوترات.
إن أكثر سيناريوهات الهجمات النمطية يكمن في أن قراءة صفحات الانترنت يثير وضعا ليس بمقدور البرنامج التحكم فيه، وفي هذه اللحظة تحدث عملية تلاعب من جهة المهاجم، حيث يقوم برنامج التصفح بتشغيل برنامج آخر مسحوب من الانترنت من دون أن يبلغ مستخدمه بذلك ويقوم هذا البرنامج بالقيام بكل شيء آخر، وبالتالي تصبح المعلومات الخاصة بنا في أيدي أناس غرباء يمكن أن يستغلوها.
ان المستخدم العادي للكمبيوتر يعرف بالتأكيد أن هناك عدة قواعد أمان لابد من الالتزام بها أثناء التعامل مع البرامج، منها أن الكمبيوتر يجب أن يكون لديه برنامج وقاية مضاد للفيروسات وعدم فتح مرفقات الرسائل القادمة عبر البريد الالكتروني من مجهولين، غير ان تأمين وقاية بنسبة مائة في المائة من الهجمات المقصودة لا يوجد، أما الآمال بأن يتمكن منتجو برامج مايكروسوفت بسد كل الثغرات الموجودة فهي آمال غير واقعية وخاطئة لأن وجود نقاط الضعف عمليا ليس غلطا وإنما نتيجة حتمية للاتجاه الذي تسير فيه عملية تطوير برامج الكمبيوتر.
إن مايكروسوفت ردت بسرعة على النقص الذي ظهر في استخدام ايكسبلورير، لكن المسألة تحولت ونتيجة للضغوط الاعلامية من مسألة فنية إلى مشكلة سياسية إلى درجة أن بعض الدول نصحت مواطنيها بالتوقف عن استخدامه.
وقد حدث ذلك في الوقت الذي يجري فيه نزاع قانوني بين الاتحاد الأوروبي وبين مايكروسوفت بخصوص هذا البرنامج وبعد أن تم التوصل إلى حل وسط غض.
صحيح ان استبدال برنامج التصفح ايكسبلورير ببرنامج اخر يمكن له ان يحمي المستخدم من قضية واحدة محددة ولكنه بالتأكيد لن يحميه أمام الاخطاء الأمنية التي توجد في كل برنامج تصفح، وبالنتيجة يمكن القول انه في حال كان الخطأ الذي ظهر مأسويا فإن مايكروسوفت تحركت بشكل متأخر ويمكن لملايين المستخدمين التحدث عن حظ كبير لهم انه لم يتم على نطاق واسع اساءة استخدام هذا الخطأ في الفترة بين الاعلان عنه وتصحيحه.
نقلاً عن ميدنيوز