مستقبل الأغنية الوطنية بعد ثورة “25 يناير”

ألهبت ثورة 25 يناير حماس الجماهير المصرية التي عبرت بصدق عن انتمائها الشديد للوطن الذي نهض بعد سفك دماء شبابه، وكانت الأغنية الوطنية أحد ملامح التحول الذي حدث في مصر خلال الأيام الماضية حيث تفاعلت مع ثورة الشباب بدلاً من مغازلة الحكام، وتيقن الكثيرون أن الغناء للشعب أهم بكثير من الغناء للمصلحة الشخصية، التحقيق التالي يتناول مستقبل الأغنية الوطنية بعد ثورة “25 يناير”، وما طرأ عليها من وجهة نظر مجموعة من الفنانين والملحنين وكتّاب الأغنية .

يقول المطرب محمد ثروت: الفن الحقيقي يصلح لجميع الأزمنة، فالأغاني التي قدمت منذ سنوات طويلة مازالت تلقى نفس النجاح، وبما أن الغناء عموماً يستمد لونه من المجتمع، فيجب أن يعبر في المرحلة المقبلة عن طعم مصر وشخصيتها الثورية الجديدة، وأن يتغير حال الغناء وخاصة الوطني للأفضل، وأنا مؤمن بإمكانية التطور بما يتواكب مع مجتمعنا بعد 25 يناير، وتأثرت أنا شخصياً به وقدمت أغنية “الشهيد” كلمات بهاء الدين محمد وألحان عمار الشريعي .

ويشير الملحن حلمي بكر إلى أن الأغنية فعل ورد فعل، وأنها الآن وبعد الثورة العظيمة التي غيرت الكثير في مصر من المؤكد أنها ستتطور للأفضل، فرغم أنه ظهرت بعض الأغنيات التي تعبر عن هذا الحدث لكنها لم تكن كافية، وفي المرحلة المقبلة ستشهد مصر بعد استقرارها اقتصادياً وأمنياً الأغنية الحديثة التي تعبر عن الثورة .

ويضيف: الأغنية الوطنية نابعة من الشعب المصري يأخذها المبدع ويصيغ الكلمات لتخرج إلى الشارع، لذا علينا جميعاً أن نحمي هذه الثورة الجميلة خاصة شباب “25 يناير” الذين كانوا هم أساس هذا التغيير في مصر، كما يجب أن تتفق الأصوات كلها على رأي واحد خاصة أصوات الشباب في كل مكان كي تخرج الأغنية الوطنية الجديدة لتعبر عنهم، كما أن ظهور الأغنية الوطنية في ظل هذه الظروف التي تمر بها مصر الآن خاصة الأغنيات القديمة التي قدمها مطربون مشهورون ومحببون في ذلك الوقت لذا لابد أن يتفاعل المطربون وأيضا الملحنون والمواطنون مع التغيير الجديد لخروج أغنية وطنية صادقة لأنها هي اللغة الصادقة .

المطرب إيهاب توفيق الذي غنى مؤخرا أغنية “ابن مصر” يؤكد أن الغناء للشعب أهم من الغناء للحكام، وهو متفائل بالمرحلة المقبلة ويثق في إمكانية تقديم أغنيات وألحان تعبر تعبيراً صادقاً عن الأحداث، وتدوم طويلاً في الوجدان المصري والعربي، وهو يرى أن الكلمات نفسها ستتغير بعد ثورة 25 يناير حتى تواكب المشاعر والحماسة الجديدة التي أصبحنا جميعاً نشعر بها، كما أن حرية التعبير التي أتاحتها الثورة ستسمح لفئة كبيرة من المبدعين كانوا مقيدين، بالظهور على الساحة مرة أخرى مما يضيف أشكالاً جديدة على الغناء .

الموسيقار محمد ضياء يقول: “ثورة يناير” تعد نقطة تحول ستخلق بالتأكيد نوعاً من الإبداع مثلما حدث من قبل في أغاني ثورة يوليو، بمعنى أن الإنتاج الغنائي في الفترة المقبلة سيعبر عن عظمة الحدث ويعيش لأجيال، كما حدث في يوليو وانتصارات أكتوبر هي الأخرى معبرة، وكذلك أغاني ثورة 25 يناير ستخلد لأنها ترسم ملامح حب الشباب لوطنهم وتحيي شهداء الثورة الذين ضحوا بحياتهم من أجل مصر .

يشير الفنان عمرو مصطفى إلى أن أهم تغيير سيحدث على الساحة الغنائية في المرحلة المقبلة بعد ثورة 25 يناير، هو “الفرز” التلقائي للمنافقين الذين كانوا يزحمون الساحة بنفاقهم، ليبقى الصادقون الذين لا يقدمون إلا فناً حقيقياً وصادقاً مثلهم، أما ما يقال عن أن سقف الحرية قد ارتفع وسيؤثر ذلك في الغناء فأقول إن الحرية هي احترام كل شخص لنفسه وليست بتوجيه الشتائم والإهانات، وبالتأكيد سيتأثر الغناء بحالة الرقي التي عبر عنها المصريون طوال الفترة الماضية وستكون الأغنية الوطنية في مصاف اهتمام شركات الإنتاج الغنائي، لأن الشعب عاشق لهذه النوعية من الأغنيات التي تؤجج بداخله مشاعر الحب والانتماء .

ويؤكد منير الوسيمي نقيب الموسيقيين أن الأغاني الوطنية التي سمعها بعد الثورة أقل بكثير من المناسبة، لأن الحدث أكبر من جودة الأغاني، فالكلمات ضعيفة ولا يوجد شعراء متحمسون، لذلك يتمنى أن يظهر جيل جديد من الشعراء والملحنين والمطربين يستطيع أن يخرج ما لديه من أعمال تليق بمثل هذا الحدث، ووجه الوسيمي تحية خاصة للفنان محمد منير لأنه قادر على توحيد أبناء الشعب المصري بأغنياته البديعة .

في ما ترى المطربة الأردنية مي سليم أن مستوى الأغنية الوطنية العربية سيتأثر إيجابيا بأحداث 25 يناير وستنطلق العديد من الأوبريتات الجماعية التي تحث الشباب العربي على النهضة ومقاومة الفساد، كما أن روح الحب والانتماء بين الأشقاء العرب ستتضاعف لأن ثورة يناير أثبتت أن العلاقة الوجدانية التي تربط بين الشعوب أهم بكثير من علاقة الساسة والحكومات .

وتضيف قائلة “سيكون للثورة أثر مباشر على ارتقاء الكلمة والأداء واللحن كما ستسهم بالتأكيد في إنتاج متميز وهادف” .

وتأمل الفنانة نادية مصطفى في أن تكون الثورة في صالح الأغنية الوطنية ليرتقي مستواها ويصل إلى نفس مستوى الأغنية الجميلة التي كانت تقدم في زمن الماضي الجميل، ولابد أن نعود إلى الجذور الفنية الأصيلة التي تعبر عن الهوية المصرية .

ويطالب الموسيقار صلاح الشرنوبي بإنشاء قناة مصرية فضائية مدعومة من الدولة تحافظ على تراث مصر وتدعم الأغاني الوطنية وتعيد لمصر ريادتها الغنائية .

ويوضح الشرنوبي أنه وعلى الرغم من ظهور بعض الأغنيات خلال ثورة يناير غير أن الأغنية التي تفاعلت مع الحدث هي أغنية “إزاي” للمطرب المتميز محمد منير، فهي تليق بالحدث الجلل وبحق تعد أغنية في حب مصر .

ويقول الشاعر الغنائي أيمن بهجت قمر: بالتأكيد سيختلف شكل الإبداع في المرحلة المقبلة، بما فيه إبداع الكلمات، فالشعراء قد ازداد وعيهم السياسي نتيجة معايشتهم تجربة إنسانية وسياسية فريدة لم يعيشوها من قبل، هذا بالإضافة إلى المشاعر الجديدة التي عشناها كلنا كمصريين وعشتها أنا كشاعر وكاتب، هذه التجربة التي عشتها بنفسي حين أعبر عنها بالكلمات بالتأكيد سيكون التعبير مختلفاً عما قدمناه من قبل .

ويرى المطرب مدحت صالح أن المرحلة المقبلة ستكون خالية من الإسفاف، كما أن الثورة البيضاء ستفرز الكثير من الكلمات التي تؤثر في وجدان الشعب المصري، وهذه المرحلة ستخلق نوعا من الإبداع الذي حرمنا منه طوال سنوات كثيرة، وستجعل المطربين يجددون من أعمالهم الغنائية لتواكب هذا الحدث العظيم، كما أن هناك بعض الأغنيات التي تمت إذاعتها أثناء الثورة وبعدها لم تكن على قدر الثورة، لذا أطلب من القائمين على الفن من كتاب وشعراء وملحنين أن يختاروا كلمات تليق بهذه الثورة التي رفعت رأس مصر .

ويتوقع المطرب حمادة هلال أن تحدث طفرة جديدة في مضمون الأغنية الوطنية لأنها تخاطب روح الشعب بدلاً من منافقة الحكام، كما أن الجمهور يرفض ما يقدم من أغنيات لا تحمل مضموناً أو قضية يتبناها، لذا لابد من وجود شكل جديد للأغنية الوطنية خلال الفترة المقبلة في كلماتها وألحانها، مع ضرورة استغلال وجود جيل جديد صاحب هذه الثورة وعلى الأغنية أن تعبر عنهم وعن تطلعاتهم المستقبلية .

ويوضح حمادة هلال أن الأغنية الوطنية التي صورها ليست مقصورة على شباب ثورة 25 يناير لكن أيضا تمس كل مصري من اللجان الشعبية، وأيضاً الجيش المصري الذي أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون سبباً في حماية مصر وشعبها، لذا لابد من تكاتف الشعراء والملحنين والمطربين لتقديم الأغنية الوطنية التي تحث الشباب المصري على حب وطنه، كما أنني أقوم بتجهيز أغنية أخرى في حب مصر وأتمنى أن تنتهي هذه الأزمة على خير وتظل مصر الحبيبة بلد الأمن والأمان .

بينما توضح المطربة شيرين أن الأغنية الوطنية لها تأثير كبير في الشعب المصري الذي هو بطبعه عاطفي ويعشق وطنه، لذلك من المنطقي أن تتحول الأغنية من الابتذال والعري إلى أغنية ذات أهداف سواء كانت رومانسية أو شعبية .

وتتابع شيرين التي تتألق دائماً في الأغاني الوطنية كلامها قائلة: شعراء الأغنية عليهم الابتكار والتحديث في أعمالهم لتواكب هذا التغيير، ومن الممكن أن يحتاج التغيير وقتاً، ولكن نأمل أن يكون الوقت قصيراً حتى نعبر جميعاً بالأغنية