إيمان إبراهيم -بانيت/بيروت: في مكتبها التقينا، يعلو وجهها سحابة حزن، حاولت إخفاءه بابتسامة رقيقة "عندما أحزن انزوي وحدي، لكن في حالات الفرح أملأ الدنيا سعادةً"،
تقول الفنانة نجوى كرم التي تخبىء ضعفها وانكسارها، تعترف أنها تملك قناعاً ترتديه عندما يحاول البعض جرح كبريائها، قناع النجمة الذي تعتبره سلطة تحميها، "لا أستخدم هذا القناع للأذية" تقول نجوى بإصرار، وتشدّد "أنا متسامحة، وحدود تسامحي كرامتي".
تحدثّنا نجوى عن الحب، الرومانسية والعلاقة بين الرجل والمرأة، مع الرجل هي امرأة شرقية، تمارس أنوثتها باعتدال، تكره الميوعة، وتعتبر أن طقوس الغرام أكثر قداسة من أن تمارس علناً.
نجوى تؤمن بتلازم الموهبة مع القيم الأخلاقية، وتدعو الفنانين إلى الحفاظ على صورتهم في عيون الجمهور تحت شعار "إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا"، لكنها تعترف أن الوسط الفني أصبح ملوثاً وأن هذا التلوث يصيب أي فنان يسعى إلى التميز بالإحباط.
تقول: لا أشك أن الفنان الحقيقي يحبط بسبب وجوده مع مجموعة من أشخاص في الوسط الفني، لا يماثلونه في الموهبة أو المستوى الفكري، لكن في الحياة الإجتماعية كلنا متساوون ولا نساوي أكثر من حفنة تراب. غير أني أؤمن أن الفكر يجب أن يترافق مع الأخلاق، بمعنى أن بعض المبدعين لديهم كم من الأفكار، غير أن انعدام المنظومة الأخلاقية لديهم تضيّع بالتالي إبداعهم.
أقول للفنانين إذا بليتم بالمعاضي فاستتروا
*تتحدثين عن الفكر والأخلاق، لو فرضنا أن ثمة فنانة تتمتع بشكل جميل وصوت رائع وخيارات فنية متميزة، ماذا يعني جمهورها من مستواها الفكري أو أخلاقها في حياتها اليومية؟
الفنان اليوم لم يعد مجرد صوت جميل، بل أصبح وحدة متكاملة، لم يعد ثمة شيء مخفي، وسائل الإعلام كثرت، في حين كانت محصورة في السابق وكان ثمة سيطرة لأسماء فنية بعينها. اليوم ثمة سطوة لوسائل الإعلام، والفنان اذا لم يجد التعامل معها، يستطيع الإعلامي أن يكسر مصداقيته والعكس صحيح، اليوم لا نستطيع أن نلغي الجانب الثقافي، أما عن المستوى الأخلاقي فكل فنان حر بتصرفاته، لكن أيضاً على الفنان أن يكون قدوة في تصرفاته، طبعاً لا أحد فينا ملاك وكلنا بشر يخطىء، لكني لا أستطيع أن أتقبل فكرة أن الفنان الذي أحبه وأحب فنه ليس لديه قيماً أخلاقية.
*ثمة فنانين يتعاطون الممنوعات بحجة أنها تساعدهم على الغناء والتفاعل مع الجمهور، هل تبررين خطأ من هذا النوع؟
لا بالطبع، على الفنان أن يكون صورة، وصورة جميلة، لكن لنفرض أن أحد الفنانين تورط بأي شيء وليس تعاطي المخدرات فقط، عليه أن يخفي عيوبه، اذا بليتم بالمعاصي فاستتروا، ومن غير الجائز أن يقوم الفنان بارتكاب المعاصي علناً، فالله أنعم عليه بصورة جميلة عليه أن يجهد للحفاظ عليها.
*لا شك أن بحر الفن ملوث، وفيه الكثير من التجاوزات التي لم تعد تخفى على أحد، هل تعتبرين نفسك جزءاً من هذا البحر؟
نعم، أنا جزء من هذا البحر، لكن إذا شعرت أن التيار سيجرفني، أجدني أسبح لأعود إلى شاطىء الأمان.
*قلت إنك جزء من بحر الفن وأن هذا البحر ملوث، ودائماً الفنان معرض للإغراءات أكثر من غيره، ومحاط ربما بأجواء لا يخلو بعضها من الفساد، كل هذا الجو إلى أي مدى أثّر على نظرتك إلى الحياة ببساطتها وحلوها وبراءتها؟
كلنا بشر معرضون للتجربة، ولا شك أن الفنان معرض أكثر من غيره، وهذا الأمر يخلق لديه تجربة وزيادة خبرة ومعرفة ليكون على شاطىء الأمان ولا يغرق نفسه في إغراءات الدنيا قد يبقى على شاطىء الأمان.
*ألم تشوّه هذه التجارب وتلك الأجواء نظرتك إلى الانسانية؟
لا، لأني أرى ثمة نماذج فنية مشرفة أثرت الفن العربي وأصبحت قدوة للأجيال ودخلت التاريخ من بابه العريض.
الفن أفسد المال وليس العكس.
*الفنان في السابق كان يجني المال ليصرف على فنه، اليوم الفنان يجني مالاً ليصرف على مظهره الخارجي، برأيك المال إلى أي مدى أفسد الفن؟
دعيني أنظر إلى الأمر من ناحية أخرى، اليوم نحن في عصر الصورة، ولو شاهدت فيلماً ترتدي بطلته فستاناً واحداً طوال الفيلم سأمل منها، واليوم ثمة عين مصوّبة نحو الفنان، بل البعض يذهب إلى حد انتقاد فنانة ارتدت الفستان نفسه في أكثر من مناسبة، لا شك أن المظهر الخارجي مهماً، لكن هذا لا يلغي الصوت، وهنا أجيبك متسائلة، لماذا لا نقول أن الفن هو الذي أفسد المال؟ فقد أصبح الفن يستخدم لجني المال بطرق غير مشروعة.
* بالمناسبة كم مرة ترتدين الفستان في حفلاتك؟
في حفلاتي المصورة أرتدي الفستان مرة واحدة، أما إذا أحييت حفلة فيها عدد محدود من الجمهور، أعيد ارتداء الفستان في حفلة خارج البلاد.
*ماذا تفعلين بكل هذه الفساتين؟
يمكنني أن أريك الغرف التي اضع فيها هذا الأرشيف من الفساتين، وأنا لا آسف على شيء، أنا أتقاضى مقابل حفلتي، ولا يجوز أن أبخل على نفسي في هذه الحفلة، لكني في المقابل أصرف على أغنياتي وعلى فني.
انا واحدة من المدللات في روتانا.
*في عصر سيطرة شركات الإنتاج، هل لا يزال الفنان يصرف على فنه؟
هذا بحسب اكتفائه بالميزانية التي ترصدها له شركات الإنتاج.
*أنت اعتدت أن تصرفي على أغانيك فوق الميزانية التي منحتك إياها شركة روتانا؟
في كليباتي نعم، لكني يوماً لم أطرح على روتانا فكرة أني أصرف فوق الميزانية المطروحة لأعمالي، أشعر أني أكبر من الحديث في هذه الأمور.
*هل لا زلت المدللة في روتانا؟
أنا من بين المدللات.
*من يزاحمك على هذا الدلال؟ كنت الأكثر دلالاً ولم نعد نشعر بأنك كذلك؟
لا أعرف ما هي السياسة، لكن لم يرفض لي طلب في روتانا، هذا يعني أني مدللة، لا أحب أن أضع نفسي في منافسة في هذا الإطار، ولا في منافسة مع المستنجحين، أحب أن أنافس الناجحين فقط.
*من هم الناجحين في روتانا؟
كل أسماء التسعينات.
*نوال الزغبي مثلاً؟
(تكرر) كل أسماء التسعينات، اليوم الأغنية تنافس أكثر من المطرب.
*ألبومك الجديد فيه عودة إلى بدايتك، وهي خطوة بدأتها بالتدريج منذ أغنية "هيدا حكي"، لماذا هذه العودة إلى بدايات نجوى في الوقت الذي ينحو البعض فيه إلى التجدد؟
أطلقت أغان عدّة بعيدة عن لوني ونجحت لكني لم أشعر أنها تشبهني، كما لاحظت منذ العام الماضي أن الجمهور بدأ يحن إلى اللون الذي انطلقت به.
بين الرومانسية والميوعة
*تغنين اللون العاطفي الذي يحمل الكثير من العنفوان، قليلة هي الأغنيات التي تجمع بين الشغف والعنفوان على الرغم من ندرة الحس الرومانسي والمشاعر الصادقة؟
أنا معك، فالناس بدأت تنفر من الرومانسية المائعة.
*هل تعتبرين الرومانسية ميوعة؟
لا لكن ثمة رومانسية تشبه الميوعة وطوال عمري أنفر من حبيبين او زوجين يتعانقان على مرأى من الناس، ثمة جيل جديد أيضاً ينتقد هذه السلوكيات.
*في أغنية "عم بمزح معك" تقولين "قلبي بيبقى نسر محلق وراسي مرفوع"، بعيداً عن النظريات، الحب يكسرك أم يمنحك شحنة من القوة؟
الحب هو كل شيء، فيه شمولية، فيه حزن وسعادة وفرح وقهر وضعف وقوة، تكونين ضعيفة أمام الحبيب عندما يكون الآمر، انا أتحدث هنا كامرأة، الرجل أيضاً يضعف امام من يحب، والثنائي المحب يخلق من ضعفه قوة.
*هل تحبين بعنفوان يشبه أغانيك، هل انت قوية في الحب؟
لست قوية، لكن لدي عزة نفس كبيرة حتى في الحب.
*عزة النفس تمنعك من البكاء؟
لا، البكاء هو تعبير عن الشعور وليس انكساراً، الانكسار هو أن يقهرك أحدهم، أن تحبيه أكثر مما يحبك، أن تعطيه أكثر مما يعطيك، أن يتملكك.
*هل كسرت نجوى كرم؟
لا.
*هل كسرت أحداً؟
لا.
*كيف كانت تنتهي قصص حبك؟
أنا منطقية جداً بحبي، لا أحب الميوعة، أعشق بنظافة، أياً تكن النتيجة، أحافظ على كرامتي التي تأتي في المقام الأول، وأعارض من يقول أنه في الحب لا وجود للكرامة.
*ما الفارق برأيك بين الميوعة والدلع؟
أمارس أنوثتي على الرجل في أوقات معينة، لكن في المجتمع أو على المسرح وحتى عندما أغني أغاني الغرام، لا أستطيع أن أكون مائعة، أعبر بعينيّ، أحب لغة العيون أكثر من التنفيذ على أرض الوقاع.
* بعد كل هذه الإحباطات والانكسارات، هل لا زلت قادرة على الحب وأنت المحاطة بحب الملايين؟
محاطة بحب الملايين لكني أحب رجلاً واحداً ورجل واحد يحبني، وهذه نظرية ثابتة بالنسبة لي. قلبي مفتوح دائماً للحب، لا أستطيع أن أتخيل نفسي في فراغ عاطفي، وأحاول أن ألهي نفسي بحبي لفني.
*إذاً أنت تحبين الحب أكثر مما تحبين الحبيب؟
لا، أنا أحب الحب لأجل الحبيب.
*لكننا لا نستطيع أن نخترع الحب، إما أن يأتي أو لا يأتي؟
هو يفرض نفسه، لا أستطيع أن ألحق الحب ولم أسع يوماً لأن أكون عاشقة، الحب يفرض نفسه لا نعرف متى ولا كيف.
*لكنك لست عاشقة بالمعنى الرومانسي؟
لا يمكنك أن تعرفي.
أنا متسامحة وكرامتي فوق كل اعتبار
* أتحدث بناءً على حديثك عن الحب؟
بل أنا قمة الرومانسية بساطة، بترتيب، يشعر الحبيب معي أنه لا يستطيع أن يلقي جزافاً بأية كلمة أمامي في فورة غضبه.
*إذاً أنت لست متسامحة؟
بل متسامحة جداً، لكن ثمة حدود، فثمة مشاجرات بين الأحبة، وهنا تعرفين مستوى الكرامات، في المشاجرة أحب أن أتعامل ككبيرة وأعامل الآخر ككبير، لا أحب أن أنزل إلى مستوى الابتذال والكلام غير اللائق، لأني أضع في الاعتبار أننا قبل الشجار كنا أحباء، وقد نعود كذلك بعد الشجار.
*أنت عميقة جداً، وتملكين مشاعر مرهفة، المرأة العميقة تتعذب أكثر من غيرها؟
بالطبع، لأنها تخفي مشاعرها، لكن أنا شخصياً أفجر ضعفي بعملي، فعلى قدر ما أحب الحب، بمجرد أن أشعر أنه استنتفد طاقاتي، أحوّل هذه الطاقات إلى عملي كي أكون خيالة متمكنة في أكثر من مكان.
*الرجل الذي يسحر نجوى كرم من هو؟
هو رجل كبير بكل ما للكلمة من معنى، هو رجل شهم، يجيد معاملتي بطريقة لائقة، يشعرني بأني كبيرة من الداخل وليس كفنانة، هو لا يستطيع ان يجرفني بتيار نسائي عشوائي، وأنا أكون معه امرأة بكل ما للكلمة من معنى، فحين أخدم الرجل بكل ما لهذه الكلمة من معنى، لا أشعره أني مهمة، بل يأتي هو في المقام الأول.
*هل تأتي هذه الحساسية انطلاقاً من كونك نجمة شهيرة والكل يسعى لخطب ودها؟
لا، انا كذلك في حياتي اليومية، أنا امرأة بكل ما للكلمة من معني، أحب أن أمارس أنوثتي مع الرجل، لا أحب أن البس بنطلون معه، لا في تصرفاتي ولا في آرائي ولا في سلوكي، لكن عندما يصل الأمر إلى خدش الكرامات، ألبس ثوب نجوى كرم وأتصرف كفنانة كبيرة مع شخص عادي.
لهذه الأسباب أرتدي ثوب نجوى كرم
*معظم الفنانين يعانون من ازدواجية في الشخصية تفرضها عليهم متطلبات النجومية، بعيداً عن هذا التوصيف بمعناه المرضي، هل يوجد أكثر من نجوى كرم؟
نعم، يوجد اثنان مني، أمامك أنا نجوى العادية، عندما أصعد إلى المسرح أصبح تلك النجمة التي لا أرتدي ثوبها إلا على المسرح احتراماً للجمهور الذي أتى ليشاهد نجوى النجمة، اما في المجتمع أبقى نجوى العادية لكن إذا لمحت غروراً من أحدهم أعود لأرتدي ثوب تلك.
*أي نجوى أنت اليوم؟
مع أحبابي والأشخاص المقربين مني أنا نجوى الإنسانة، تلك لا أستخدمها إلا في فني وإذا ما شعرت أن أحدا يستهين بكرامتي.
*لكن نجوى تلك نحبها...
وأنا أيضاً أحبها، لا أستخدمها للأذية، بل استخدمها كسلطة أحاول أن أوقف من خلالها التجاوزات. مع أحبائي أنا نجوى البسيطة، المتواضعة، أجلس معهم على الأرض، لكن ما إذا تخطى أحد حدودهم، ألبس ثوب نجوى كرم.
بين التواضع والغرور
*ما هو التواضع، أليس هو ما تصفه الكاتبة الكبيرة أحلام مستغانمي بأنه الوجه الآخر للغرور، أن تبذلي جهداً لتشعري أنك متساوية بالآخرين؟
لا، التواضع هو أن تنظري إلى الخلف أين كنت؟ بلا هذه النعمة نعمة الصوت، أنا لا أختلف عن غيري.
*لم تكوني يوماً مثل غيرك، أنت كنت مدرّسة، معلمة أجيال واليوم أنت قدوة للأجيال، بماذا اختلف دورك كمدرسة عن دورك كنجمة؟
لا شيء، في المدرسة، كان علي أن اكون ودودة مع التلامذة، أن أفهمهم وأحاول الدخول إلى عالمهم، وفكرهم وأذهانهم، ليكون لدي أسلوباً للتعاطي معهم وأمدادهم بالثقافة، في الفن، علي أن أفهم الجمهور أيضاً لأعرف ماذا يريد، لأنه هو من يقرر ولست أنا، علي أن أكون مع الكل وللكل.
*أي أصعب التعامل مع الجمهور أو الصحافة الفنية التي تمر بأصعب مراحلها؟
وضع الصحافة مثل وضع الفن، ثمة صحافيين لا يبحثون سوى عن الأسئلة السلبية ليثبتوا أنهم متواجدين، وثمة صحافيين عميقين ويضعون خطوطاً عريضة لينقلون الصورة الإيجابية عن البلد من خلال صورة فنان، وليس أروع من أن يحاور صحافي عميق فنان يشبهه، لكن أين تختلط الأمور؟ عندما يحاور صحافي يفرض نفسه بالقوة على الإعلام فنان لا يملك ادنى مقومات، هذان نموذجان يشبهان بعضهما، ولا يشبهان الثقافة ولا الفن والحضارة والمستقبل.
* في كليب "هيدا حكي" شعرت أنك فعلاً مغرومة، أما في كليب "عم بمزح معك" شعرت أنك تمثلين علينا الغرام؟
أنا مغرومة بصورة متواصلة، لكن لا أبوح دائماً بحبي للناس، وأمام الكاميرا ولو لم أكن في حالة حب، لا أستطيع إلا أن اجسد حالة الغرام. اغنية "عم بمزح معك" تفجر طاقة أكثر مما تفجر مشاعر، فهي مزيج من الكبرياء والحيرة وهذا قمة الحب لكن في العمق وليس في الظاهر.
أكره لقب الملكة والأميرة
*في الكليب جسدت دور الملكة، هل تشعرين فعلاً أنك ملكة؟
لا أحب هذا التعبير لأنه يشبه إلى حد ما التعالي، في هذا الكليب كنت شهرزاد، وقد رجوت المخرج ألا يضعني في هذا الإطار، إطار التاج والملكة، فثمة أشخاص يدللوني ويطلقون علي صفة الأميرة، وثمة صحافيين يتضايقون من هذه الصقة لأنها لا تعنيهم ولا يتحلون بها، والذين ينعتوني بهذه الصفة إنما يقصدون المعنى الأخلاقي منها. لا أحب أسماء الدلع ولا الألقاب.
*هل تعتبرين نفسك امرأة استثنائية؟
لست استثنائية بالصدفة، بل كان لدي إصرار على أن أكون كذلك، في حياتي العاطفية، الفنية والشخصية، وهذا كله نتاج العذاب في الفن والحياة العائلية، وليس كل ما نتمناه نحصل عليه بسهولة.
أنا متعصبة للبنان
*في الوقت الذي يرى فيه البعض أن الأغنية اللبنانية وضعتك في حدود ضيّقة، أرى أنها انقذتك وأعطتك هويّة خاصة في عصر ضاعت فيه هوية الأغنية العربية ككل، ماذا تقولين في هذا الأمر؟
هل نطلب من جندي لبناني أن يخلع بزته العسكرية ويرتدي بزة غيره؟ هل نطلب منه أن يحارب على حدود غير حدود بلده؟ هذا اللون فعلاً أنقذني وميزني عن غيري، وجعلني مختلفة، ولو كانت الأذية ستأتي من هذا الباب فأهلاً بها.
* إلى هذه الدرجة أنت متعصبة للوطن؟
نعم، أنا متعصبة للبنان، عادل إمام لا يتكلم إلا بلهجته، وكل الفنانين المصريين والخليجيين لا يتحدثون إلا باسم أوطانهم، وأنا لو لم أكن متعصبة لوطني لن أحب أي وطن عربي، أنا لا أخجل بوطني بل أحترم شعبي ووطني وتراثي، ما الهدف من غناء لهجة غيري؟ أنا غنيت في كل البلدان أغنية من لبنان، والجماهير العربية احترمتني لاحترامي لوطني.
*قبل سنة التقينا وكان وضع لبنان غير مستقر، وقلت لي أن قدرنا أن نعيش الحروب، اليوم ثمة ازدهار ملموس في لبنان، هل هذه هدنة أم أنت متفائلة بالسلام؟
إذا نظرت إلى التاريخ أرى أن لبنان كان دوماً يعاني من نكسات، لذا أتمنى أن يكون لدينا وحدة عربية، اتحاد عربي كي لا نتعرض للمزيد من الانكسارات. نحن لم نعش إلا الحروب، كلمة متفائلة تعني ان نتمنى أن تطول الهدنة.
*قبل أسابيع قليلة، توفيت زميلتك سوزان تميم بظروف مأساوية، هل تابعت قضيتها؟
نعم وشعرت بالأسى حيالها، فسوزان فتاة شابة لا تستحق أن تموت بتلك الطريقة، وهي تملك صوتاً جميلاً لكنها لم تغن منذ مدة طويلة وأخبارها انقطعت عنا، أقول رحمها الله.
*ليست الفنانة الأولى التي تموت قتلاً، لماذا تكون نهاية بعض الفنانين مأساوية؟
هذا الأمر لا يقتصر على الفنانين، فهناك أناس عاديين يموتون بطرق مأساوية، والأمر يعود إلى كيفية تصرفهم في الحياة، والبعض يجرهم قدرهم إلى نهايات مأساوية، تعددت الأسباب والموت واحد.
*أنت نجوى كرم بعد عمر طويل، كيف تتخيلين نهايتك؟
(تفكر قليلاً) سأموت بعد أن أعتزل، ميتة طبيعية مصابة بمرض.